فصل: قال أبو البقاء العكبري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.البلاغة:

1- في قوله: {فصبّ عليهم ربك سوط عذاب} استعارة مكنية، فقد استعمل الصب وهو خاص بالماء لاقتضائه السرعة في النزول على المضروب قال:
فصبّ عليهم محصرات كأنها شآبيب ** ليست من سحاب ولا قطر

وقال آخر في وصف الخيل:
صببنا عليهم ظالمين سياطنا ** فطارت بها أيد سراع وأرجل

واستعار السوط للعذاب لأنه يقتضي من التكرار والترداد ما لا يقتضيه السيف ولا غيره.
وعبارة الزمخشري جميلة في بابها قال: يقال صبّ عليه السوط وغشاه وقنعه، وذكر السوط إشارة إلى أن ما أحلّه بهم في الدنيا من العذاب العظيم بالقياس إلى ما أعدّ لهم في الآخرة كالسوط إذا قيس إلى سائر ما يعذب به.
والسوط كما في القاموس هو الخلط أو أن تخلط شيئين في إنائك ثم تضربهما بيدك حتى يختلطا كالتسويط والمقرعة لأنها تخلط اللحم بالدم والجمع سياط وأسواط.
وقال الفراء: هي كلمة تقولها العرب لكل نوع من أنواع العذاب وأصل ذلك أن السوط هو عذابهم الذي يعذبون به فجرى لكل عذاب إذا كان في غاية العذاب.
2- وفي قوله: {إن ربك لبالمرصاد} استعارة تمثيلية، شبّه كونه تعالى حافظا لأعمال العباد مراقبا عليها ومجازيا علي ما دقّ وجلّ منها بحيث لا ينجو منه بحال من قعد على الطريق مترصدا لمن يسلكها ليأخذه فيوقع به ما يريد ثم أطلق لفظ أحدهما على الآخر.

.الفوائد:

خضعت القصة القرآنية في موضوعها وطريقة عرضها وإرادة حوادثها وتسلسل مشاهدها لمقتضيات الأغراض الدينية، وظهرت آثار هذا الخضوع في سمات متعددة، ولكن هذا الخضوع الكامل للأغراض الدينية ووفاءها بهذا الغرض تمام الوفاء لم يمنعا بروز الخصائص الفنية في عرضها ولاسيما في التصوير وهو أبرز خصائص القرآن، وقد كنّا نودّ لو نقلنا لك قصة ذات العماد كما نقلها الرواة والمفسرون ولكن الأمر يطول فحسبنا أن ننقل لك خلاصتها لتلمح على ضوء تلك الخلاصة خصائصها الفنية ثم نحيلك على المطوّلات فقد رووا أنه كان لعاد ابنان وهما شداد وشديد فملكا وقهرا ثم مات شديد فخلص الأمر لشداد وملك الدنيا ودانت له ملوكها فسمع بذكر الجنة فقال: سأبني مثلها فبنى إرم في بعض صحارى عدن في ثلاثمائة سنة وكان عمره تسعمائة سنة وهي مدينة عظيمة أضفى عليها الخيال تهاويل من الوصف الرائع فقصورها من الذهب والفضة وأساطينها من الزبرجد والياقوت وفيها أصناف الأشجار والأنهار المطّردة، ولما تمّ بناؤها سار إليها بأهل مملكته فلما كان على مسيرة يوم وليلة بعث اللّه عليهم صيحة من السماء فهلكوا، وعن عبد اللّه بن قلابة أنه خرج في طلب إبل له فوقع عليها فحمل ما قدر عليه مما ثم وبلغ خبره معاوية فاستحضره فقصّ عليه فبعث إلى كعب فسأله فقال هي إرم ذات العماد وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانك أحمر أشقر قصير على حاجبه خال وعلى عقبه خال يخرج في طلب إبل له ثم التفت فأبصر ابن أبي قلابة فقال: هذا واللّه ذلك الرجل. وعلى كل حال ليس لهذه أصل ديني تستند إليه، وقد أدخلت خرافات مختلفة ونسجت أقاصيص منحولة وأساطير مفتعلة في تفسير كتاب اللّه سبحانه.

.[الفجر: الآيات 15- 30]

{فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ ونعمه فَيَقول رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقدر عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقول رَبِّي أَهانن(16) كَلاَّ بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلا تَحَاضُّونَ على طَعامِ الْمسكينِ (18) وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكلا لما (19) وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا (20) كَلاَّ إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) وَجِيءَ يومئِذٍ بِجَهَنَّمَ يومئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذكرى (23) يَقول يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لحياتي (24) فَيومئِذٍ لا يُعَذِّبُ عذابهُ أحد (25) وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أحد (26) يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المطمئنة (27) ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضية مرضية (28) فَادْخُلِي فِي عِبادِي (29) وَادْخُلِي جنتي (30)}.

.اللغة:

{التُّراثَ} الميراث والتاء بدل من الواو لأنه من الوراثة كما قالوا في تجاه وتخمة وتكأة.
{لما} جمعا وفي المختار: {أكلا لما} فعله من باب رد يقال: لم اللّه شعثه أي أصلح وجمع ما تفرق من أمره.
وقال أبو عبيدة: لممت ما على الخوان إذا أكلت جميع ما عليه بأسره وقال الحطيئة:
إذا كان لما يتبع الذّم ربه فلا ** قدّس الرحمن تلك الطواحنا

ومنه لممت الشعث، قال النابغة الذبياني:
ولست بمستبق أخا لا تلمه ** على شعث أيّ الرجال المهذب

{وَثاقَهُ} في المصباح: وثق الشيء بالضم وثاقه قوي وثبت فهو وثيق ثابت وأوثقته جعلته وثيقا والوثاق بفتح الواو وكسرها القيد والحبل ونحوه والجمع وثق مثل رباط وربط.

.الإعراب:

{فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ ونعمه فَيَقول رَبِّي أَكْرَمَنِ} الفاء استئنافية ومفهوم كلام الزمخشري أنها عاطفة قال: فإن قلت بم اتصل قوله: {فأما الإنسان}؟ قلت بقوله: {إن ربك بالمرصاد} كأنه قيل إن اللّه لا يريد من الإنسان إلا الطاعة والسعي للعاقبة وهو مرصد بالعقوبة للعاصي فأما الإنسان فلا يريد ذلك ولا يهمه إلا العاجلة وما يلذه وينعمه فيها.
وفي كلامه نفحة اعتزالية واضحة.
وأما حرف شرط وتفصيل والإنسان مبتدأ و{إذا} ظرف متعلق بيقول وما زائدة وجملة {ابتلاه} في محل جر بإضافة الظرف إليها و{ربه} فاعل، {فأكرمه} عطف على {ابتلاه} {ونعمه} عطف أيضًا والفاء رابطة لما في أما من معنى الشرط وجملة يقول خبر {الإنسان} ولا يمتنع تعلق الظرف بيقول الواقعة خبرا لأن الظرف في نيّة التأخير والتقدير فأما الإنسان فقائل ربي أكرمني وقت الابتلاء و{ربي} مبتدأ وجملة {أكرمني} خبر وحذفوا الياء من {أكرمن} اختصارا.
{وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقدر عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقول رَبِّي أَهانَنِ} عطف على الجملة السابقة وإعرابها كإعرابها.
{كَلَّا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلا تَحَاضُّونَ على طَعامِ الْمسكينِ} {كلا} حرف ردع وزجر للإنسان عن قوله و{بل} حرف إضراب من قبيح إلى أقبح للترقي في ذمّهم، و{لا} نافية و{تكرمون اليتيم} فعل مضارع مرفوع وفاعل ومفعول به {ولا تحاضّون} عطف على {لا تكرمون} و{على طعام المسكين} متعلقان بـ: {تحاضّون}.
{وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلًا لما وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا} عطف أيضًا و{التراث} مفعول {تأكلون} و{أكلا} مفعول مطلق و{لما} صفة، {وتحبون المال حبّا جمّا} عطف أيضًا مماثل للجملة السابقة في الإعراب.
{كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا} {كلا} حرف ردع وزجر لهم عن ذلك كله و{إذا} ظرف متعلق بـ: {يتذكر} وجملة {دكّت} في محل جر بإضافة الظرف إليها والأرض نائب فاعل و{دكّا دكّا} مصدران في موضع الحال على رأي أبي حيان والزمخشري وليس الثاني تأكيدا بل التكرار للدلالة على الاستيعاب كقرأت النحو بابا بابا، وأعرب ابن خالويه {دكّا} الأول مصدرا والثاني تأكيدا وليس بعيدا.
{وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} عطف على ما تقدم و{جاء ربك} فعل وفاعل {والملك} عطف على {ربك} و{صفّا صفّا} حال أي مصطفين أو ذوي صفوف وهو المسوغ لمجيء الحال جامدا هو الترتيب وضابطه أن يأتي التفصيل بعد ذكر المجموع بجزأيه مكررا.
قال الرضي: وفي نصب الجزء الثاني خلاف ذهب الزجّاج إلى أنه توكيد، وذهب ابن جنّي إلى أنه صفة وذهب الفارسي إلى أنه منصوب بالأول لأنه لما وقع موقع الحال جاز أن يعمل.
قال المرادي والمختار أنه وما قبله منصوبان بالعامل الأول لأن مجموعهما هو الحال ونظيره في الخبر هذا حلو حامض ولو ذهب ذاهب إلى أن نصبه بالعطف على تقدير حذف الفاء والمعنى بابا فبابا وصفّا فصفّا لكان مذهبا حسنا، ونص أبو الحسن على أنه لا يجوز أن يدخل حرف العطف في شيء من المكررات إلا الفاء وخاصة.
{وَجِيءَ يومئِذٍ بِجَهَنَّمَ يومئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذكرى} الواو عاطفة و{جيء} فعل ماض مبني للمجهول و{يومئذ} ظرف أضيف إلى مثله متعلق بـ: {جيء} و{بجهنم} في موضع رفع نائب فاعل و{يومئذ} ظرف أضيف إلى مثله وهو بدل من إذا وجملة {يتذكر الإنسان} لا محل لها لأنها جواب إذا والواو حالية و{أنى} اسم استفهام معناه النفي في محل نصب ظرف مكان وهو متعلق بمحذوف خبر مقدم و{له} متعلقان بما تعلق به الظرف و{الذكرى} مبتدأ مؤخر ولابد من تقدير حذف المضاف أي ومن أين له منفعة الذكرى وإلا فبين يتذكر وأنى له الذكرى تناف وتناقض.
{يَقول يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لحياتي} الجملة بدل اشتمال من جملة {يتذكر} أو استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ منه كأنه قيل ماذا يقول عند تذكره فقيل يقول، و{يا} حرف تنبيه أو المنادى محذوف و{ليتني} ليت واسمها وجملة {قدمت} خبرها و{لحياتي} متعلقان بـ: {قدمت} وجملة النداء مقول القول.
{فَيومئِذٍ لا يُعَذِّبُ عذابهُ أحد وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أحد} الفاء عاطفة ويومئذ ظرف متعلق بـ: {يعذب} والتنوين عوض عن جملة تفيد ما تقدم من هول الموقف و{لا} نافية و{يعذب} فعل مضارع مبني للمعلوم و{عذابه} مفعول مطلق والضمير في {عذابه} يعود إلى الله، والعجب من ابن خالويه فقد أعربها مفعولا به ولا أدري ما هي وجهة نظره، و{أحد} فاعل {يعذب} وقرئ {يعذب} بالبناء للمجهول فيكون أحد نائب فاعل والضمير في {عذابه} يعود على الكافر.
وعبارة القرطبي بهذا الصدد هي: {فيومئذ لا يعذب عذابه أحد} أي لا يعذب كعذاب اللّه أحد ولا يوثق لوثاقه أحد والكناية ترجع إلى اللّه تعالى وهو قول ابن عباس والحسن وقرأ الكسائي {لا يعذب} و{لا يوثق} بفتح الذال والتاء أي لا يعذب أحد في الدنيا كعذاب اللّه الكافر يومئذ ولا يوثق كما يوثق الكافر..
وقوله: {ولا يوثق} إلخ عطف على الجملة السابقة ويقال في إعرابها ما قيل في الأولى.
وقد أورد ابن خالويه بحثا طريفا ننقله فيما يلي: {ولا يوثق} نسق على {يعذب} والمصدر أوثق يوثق إيثاقا فهو موثق فإن قال قائل: هل يجوز همز يوثق كما همز يؤمن فقل ذلك غير جائز لأن أوثق فاء الفعل منه مثل أوفض يوفض وأسرع يسرع وأورى يوري وأوقد يوقد كل ذلك غير مهموز قال اللّه عزّ وجلّ: {إلى نصب يوفضون} و{النار التي تورون} وإنما يهمز من هذا ما كانت فاء الفعل منه همزة نحو آمن يؤمن لأن الأصل أأمن فاستثقلوا همزتين في أول كلمة فلينت الثانية فاعرف ذلك وإن كانت فاء الفعل ياء مثل أيسر وأيقن وأيفع الغلام انقلبت الياء واوا في المضارع لأنضمام ما قبلها وسكونها ولم يجز أيضًا همزها نحو يوقنون ويوفع الغلام ويوسر، وحدّثني أبو الحسن المقرئ قال: روى أبو خليفة البصري عن المازني عن الأخفش قال سمعت أباحية النميري يقول: يؤقنون مهموزة وأبو حيّة الذي يقول:
إذا مضغت بعد امتناع من الضحى ** أنابيب من عود الأراك المخلّق

سقت شعب المسواك ماء غمامة ** فضيضا بجادي العراق المروّق

غير أن من العرب من يهمز ما لا يهمز تشبيها بما يهمز كقولهم حلأت السويق ورثأت الميت، وحدّثني أحمد عن علي عن أبي عبيدة قال: قرأ الحسن {ولا أدرأكم به} مهموزا وهو غلط عند أهل النحو لأنه من دريت.
{يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المطمئنة ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضية مرضية} الجملة في موضع نصب بقول محذوف أي يقول اللّه للمؤمن، و{يا} حرف نداء وأية منادى نكرة مقصودة مبني على الضم وقد مرّت نظائره كثيرا والهاء للتنبيه و{النفس} بدل و{المطمئنة} نعت للنفس و{ارجعي} فعل أمر مبني على حذف النون والياء فاعل و{إلى ربك} متعلقان بـ: {ارجعي} و{راضية مرضية} حالان.
{فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جنتي} نسق على {ارجعي} و{في عبادي} متعلقان بادخلي {وادخلي} في {جنتي} عطف أيضًا أي انتظمي في سلكهم وادخلي جنتي معهم.

.البلاغة:

في قوله: {وجاء ربك والملك صفّا صفّا} فن الإفراط في الصفة كما سمّاه ابن المعتز، وسمّاه قدامة المبالغة، وسمّاه غيرهما التبليغ، والمشهورة تسمية قدامة وعرّفه بقوله: هو أن يذكر المتكلم حالا لو وقف عندها لأجزأت فلا يقف عندها حتى يزيد في كلامه ما يكون أبلغ في معنى قصده، وهي على ضروب شتى ومنها إخراج الكلام مخرج الإخبار عن الأعظم الأكبر للمبالغة والإخبار عنه مجاز كقول من رأى موكبا عظيما أو جيشا خضما جاء الملك نفسه وهو يعلم أن ما جاء جيشه فقد جعل في الآية مجيء جلائل آياته مجيئا له سبحانه.

.الفوائد:

1- أيها وأيتها: قرأ الجمهور: {يا أيتها النفس} بتاء التأنيث وقرأ زيد بن علي {يا أيها} بغير تاء ولا نعلم أحدا ذكر أنها تذكّر وإن كان المنادى مؤنثا إلا صاحب البديع، وهذه الآية شاهدة بذلك، ولذلك وجه من القياس وذلك أنه لم يثن ولم يجمع في نداء المثنى والمجموع فكذلك لم يذكر في نداء المؤنث، وأي وأية مبنيان على الضم لكون كلّ منهما منادى مفردا وهاء التنبيه فيهما زائدة لازمة للفظ أي وأية عوضا عن المضاف إليه مفتوحة الهاء.
2- كيف يتعدى (دخل): إذا كان المدخول فيه غير ظرف حقيقي تعدّت إليه (دخل) بفي نحو دخلت في الأمر ودخلت في غمار الناس ومنه فادخلي في عبادي أي في جملة عبادي الصالحين وإذا كان المدخول فيه ظرفا حقيقيا تعدّت إليه في الغالب بغير وساطة (في) ومنه: {وادخلي جنتي}، وعلى كل حال تعرب {جنتي} مفعولا به على السعة لأنه في الأصل لا يتعدى بنفسه كما تقدم. اهـ.

.قال أبو البقاء العكبري:

سورة الفجر:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
جواب القسم: {إن ربك لبالمرصاد} {والوتر} بالفتح والكسر لغتان، و{إذا} ظرف، والعامل فيه محذوف: أي أقسم به إذا يسر، والجيد إثبات الياء، ومن حذفها فلتوافق رءوس الآى، و{إرم} لا ينصرف للتعريف والتأنيث، قيل هو اسم قبيلة فعلى هذا يكون التقدير: إرم صاحب ذات العماد، لأن ذات العماد مدينة، وقيل ذات العماد وصف، كما تقول القبيلة ذات الملك، وقيل {إرم} مدينة، فعلى هذا يكون التقدير: بعاد صاحب إرم، ويقرأ: {بعاد إرم} بالإضافة فلا يحتاج إلى تقدير، ويقرأ: {إرم ذات العماد} بالجر على الإضافة {وثمود} معطوف على عاد وكذلك {فرعون}.
قوله تعالى: {الذين طغوا} في الجمع وجهان: أحدهما أنه صفة للجمع.
والثاني هو صفة لفرعون وأتباعه، واكتفى بذكره عن ذكرهم.
قوله تعالى: {فأكرمه} هو معطوف على ابتلاه، وأما {فيقول} فجواب إذا وإذا وجوابها خبر عن الإنسان.
قوله تعالى: {ولا يحضون} المفعول محذوف: أي لا يحضون أحدا أي لا يحضون أنفسهم، ويقرأ: {ولا تحاضون} وهو فعل لازم بمعنى تتحاضون.
قوله تعالى: {يومئذ} هو بدل من إذا في قوله تعالى: {إذا دكت} والعامل فيه {يتذكر} و{يقول} تفسير ليتذكر، ويجوز أن يكون العامل في إذا يقول، وفى يومئذ يتذكر، و(صفا) حال.
قوله تعالى: {لا يعذب} و{لا يوثق} يقرآن بكسر الذال والثاء، والفاعل {أحد} والهاء تعود على الله عز وجل، ويقرآن بالفتح على ما لم يسم فاعله، والهاء للمفعول، والتقدير: مثل عذابه، ومثل وثاقه، والعذاب والوثاق اسمان للتعذيب والإيثاق {راضية} حال، والله أعلم. اهـ.